المراحل الكبرى لبناء الدولة المغربية الحديثة
مقدمـة: بعد أن حصل المغرب على الاستقلال سنة 1956، دخل في مرحلة جديدة وهي بناء دولة حديثة تساير متطلبات العصر. فما هي المراحل الكبرى التي قطعها المغرب في تحقيق ذلك؟
| ـمرحلة بناء الدولة الوطنية الحديثة (1956-1961):
1- الإرهاصات الأولىلنظام حكم الدولةالمغربية:
حدد خطاب محمد الخامس ليوم 18 نونبر 1955 نوع النظام السياسي الذي سيتبناه المغرب بعد الاستقلال، ويتمثل في نظام ديمقراطي في إطار ملكية دستورية يقوم على مبدإ الانتخاب وفصل السلط والاعتراف بالحريات الفردية والجماعية. ولبناء مؤسسات الدولة وضعت مجموعة من القوانين كقانون الحريات العامة (1958)وقانون الانتخابات (1959) والمجلس الدستوري (1960).
2- بعض مظاهرتحديثالدولةالمغربية:
على المستوى السياسي: تكوين أول حكومة مغربية. على المستوى الإداري: تقسيم المغرب إلى عمالات وأقاليم وجهات.على المستوى الاقتصادي: خلق وزارة للمالية، وتأسيس عدة أبناك على رأسها بنك المغرب.على المستوى القضائي: إنشاء محاكم حديثة، وتأسيس المجلس الأعلى للقضاء وتوحيد النظام القضائي ومغربته.على المستوى العسكري: تشكيل القوات المسلحة الملكية.
|| - مرحلة إرساء النظام الديمقراطي والبناء الاقتصادي والاجتماعي:
1- البناءالدستوري وترسيخ السيادةالمغربية:
دخل المغرب المرحلة الدستورية بالتصويت على أول دستور للمملكة سنة 1962، الذي رسخ نظام الملكية الدستورية و تم تعديله سنة 1970 و 1972(ج7 ص 67).كما عمل المغرب على تكريس السيادة المغربية، وذلك بمطالبته بجلاء القوات الأجنبية من القواعد المغربية، وذلك ما تم بالفعل ما بين سنتي 1961 و 1963 (ج9 ص67).
2- مظاهرالبناءالاقتصادي والاجتماعي للدولةالمغربية:
على المستوى الاقتصادي والاجتماعي اختار المغرب التوجه الليبرالي، لكن مع لعب الدولة دورا كبيرا في الاقتصاد من خلال تنظيمه وتوجيهه، وبسبب غياب الرأسمال الأجنبي وضعف الاستثمارات المحلية ازدادت الاستثمارات العمومية، كما تم تشجيع الخواص المغاربة من خلال قرار مغربة الاقتصاد الوطني لسنة 1973.
نهجت الدولة خلال هذه الفترة أيضا «سياسة المخططات الاقتصادية»، التي وضعت لها أهداف محددة ومتنوعة، لكن التوجه العام للسياسة الاقتصادية يبقى هو إعطاء الأولوية للقطاع الفلاحي.
|||- مرحلة تفعيل البناء الديمقراطي والاقتصادي(1975-1992):
1 ـ تدعيم الديمقراطية المحلية:
لتفعيل الديمقراطية المحلية قامت الدولة بإعطاء سلطات تقريرية للمجالس المحلية والإقليمية والجهوية كما تم إصدار الظهير المنظم للجماعات المحلية يوم 30 شتنبر 1976 والذي جعل الجماعات وحدات ترابية ذات شخصية معنوية واستقلال مالي.ولترسيخ ذلك عقدت مجموعة من المناظرات الوطنية حول الجماعات المحلية ابتداء من سنة 1977.
2- الاصلاحات الهيكلية التي عرفها البناء الاقتصادي للدولة المغربية:
لتجاوز بعض مشاكل الاقتصاد المغربي بسبب ازدياد المديونية الخارجية وارتفاع أسعار البترول وانخفاض مبيعات الفوسفاط، سُنت مجموعة من الإصلاحات الهيكلية مست القطاع الضريبي وذلك بتحديثه وتبسيطه، وتحرير التجارة الخارجية بإحداث نظام تجاري حر وإصدار قانون للصادرات، إضافة إلى تشجيع الاستثمارات والشروع في سياسة الخوصصة.
ІV- مرحلة ترسيخ دولةالحق والقانون خلال العهدالجديد: 1992 إلى الآن
1- تدعيم دولةالحق والقانون:
ركزت الدولة على تدعيم دولة الحق والقانون، عن طريق تطبيق عدة إصلاحات ديمقراطية، شملت تعديل الدستور سنة 1992 و 1996، حيث تقوى مركز الوزير الأول وتم إحداث غرفتي البرلمان وتدعيم اللامركزية والديمقراطية المحلية.كما أعيدت هيكلة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وإحداث ديوان المظالم وإصلاح القضاء...إضافة إلى تغييرات جديدة شملت قانون الجمعيات، مدونة الشغل، كما تمت المصادقة على الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
2- الاهتمامات الاقتصادية والاجتماعية للعهدالجديد:
على المستوى الاجتماعي:تم إحداث مؤسسة محمد الخامس للتضامن سنة 1999م وإحداث صندوق التنمية الاجتماعية لمحاربة الفقر ووضع برنامج الأوليات الاجتماعية (السكن ،الصحة...).وإشراك المرأة في التنمية الاجتماعية.
على المستوى الاقتصادي: سن قوانين الاستثمار و إحداث صندوق الحسن الثاني للتنمية والتجهيز وتوقيع اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية...
خاتمـة : استطاع المغرب عبر مجموعة من المراحل بناء مجتمع حديث وترسيخ الديمقراطية و دولة الحق والقانون.